آشور بانيبال.. آخر ملك الإمبراطورية الآشورية

يعتبر الملك آشوربانيبال الذى توفى فى 627 ق.م. آخر ملك للإمبراطورية الآشورية الحديثة، عرفه اليونانيون باسم ساردانابالوس، بينما تشير إليه النصوص اللاتينية والنصوص الأخرى فى القرون الوسطى بمسمى ساردانابالوس.
كان آشوربانيبال الابن الثالث للملك آسر حدون، ولم يكن هو الوارث للعرش، وكان أخوه الأكبر وهو توأم واسمه شمش شوم أوكين ينتظر فى بادئ الأمر أن يخلف أباه ويظفر بالملك، ولكن كان ثمة تنافس مرير بين الأخوين، وتلقى آشوربانيبال معونة كثير من الدول التى كان لها إذ ذاك نفوذ فعال فنصب آشوربانيبال ملكا بينما أصبح أخوه حاكما لبابل، حكم آشوربانيبال بين عامى 669 و627
ورث آشوربانيبال عن أبيه الحرب مع مصر، ولم يستطع إخماد ثوراتهم على الرغم من الجهود الكبيرة التى بذلها وأصبحت مصر وبعد مضى نحو عشرين عاما مستقلة استقلالا تاما.
واجه آشوربانيبال ثورة أخرى فى عام 652 ق.م حيث قام أخوه شاماش بثورة بعد أن استعان بحلفاء من مختلف البلاد العربية، وتصرف الملك بسرعة وفى خلال أربع سنوات توفى أخوه وسقطت بابل فى يده، وما لبث آشوربانيبال أن وجه انتباهه إلى العرب الذين ساعدوا أخاه وهزمهم.
كان آشوربانيبال مهتما بالعلم والأدب والثقافة ولقد كان مسئولا عن البحوث العلمية المستفيضة التى كان يعدها رجال العلم الآشوريين عن الآثار البابلية القديمة، وقد جمع العدد الكبير من الألواح المكتوبة التى رتبت وصنفت بدقة متضمنة بيانات تاريخية وملاحظات متعلقة بالفلك وكلمات للآلهة وتكهنات وصلوات وأناشيد وأساطير عن الإنسان فى التاريخ القديم، منها على سبيل المثال قصص عن الفيضان.
لم تكن آشور فى عهده معروفة بقوتها العسكرية فقط، بل أيضا بالثقافة والفنون، فقد تأسست أول مكتبة مجمعة بشكل منظم فى عهده بنينوى، وكانت الكتب على هيئة ألواح من الطين الخزفى المحروق، كانت الكتابة باللغة المسمارية والتى تأخذ شكل الإسفين أو المخروط ولذلك سميت بهذا الاسم، وتروى آلاف الألواح من مكتبات آشوربانيبال ليس فقط الأحداث التى جرت فى عهده من سنة 669 ق.م إلى سنة626 ق.م ولكن جميع ما تحفل به الحياة اليومية وديانتهم وآدابهم.
توفى آشوربانيبال فى عام 626 ق.م، وكان قد أقام السلام فى فلسطين وفينيقيا وسوريا، كما انهارت الإمبراطورية بعد وفاته بسنوات قليلة، وذلك بأن نشب الخلاف بين أبنائه على أخلافة، وما لبثت بابل أن ثارت وأصبحت مرة أخرى مملكة مستقرة فى عام 625 ق.م وأخيرا استولى البابليون وحلفائهم الميديون على مدينة نينوى وكان ذلك فى سنة 612 ق.م.